أكد رئيس الجامعة المفتوحة للداخلة، إدريس الكراوي، خلال لقاء تحت شعار “إفريقيا من منظور النموذج التنموي المغربي الجديد”، أن المغرب مناط بمسؤولية دولية ذات بعد إفريقي.
وأوضح السيد الكراوي، خلال هذا اللقاء الذي عقد أمس الأحد، في إطار النسخة الـ 27 للمعرض الدولي للنشر والكتاب، والذي حلت فيه الآداب الإفريقية ضيف الشرف، أن “المغرب مناط بمسؤولية دولية ذات بعد إفريقي فيما يخص المناخ والهجرة وقضايا الأمن والتدين ومكافحة التطرف والإرهاب والجريمة المنظمة، وبطبيعة الحال المساهمة المهمة التي تلوح في الأفق والمرتبطة بتحقيق الأمن العالمي والحفاظ عليه”.
وقال إن “المغرب يحمل رؤية مستقبلية لأفريقيا، من خلال عرض جديد يندرج ضمن مسؤولياته الأفريقية”، منوها في هذا الصدد بالعلاقات التاريخية التي تربط المغرب وإفريقيا.
وأشار إلى أن الموقع الجغرافي للمغرب ومكانته الكبيرة داخل القارة الأفريقية يمنحان قيمة أكبر للنموذج التنموي الجديد، الذي بإمكان إفريقيا أن تستخلص منه الدروس على ثلاثة مستويات، من حيث المقاربة والرهانات والطموحات.
وفي سياق حديثه عن الرهانات، أوضح السيد الكراوي أن النموذج التنموي الجديد كشف عن وجود رهانات ذات أهمية كبيرة لأفريقيا، مسجلا أن الرهان الأول يكمن في تلبية الشروط اللازمة لإنجاح التحول الاقتصادي، فالتحديات الكبرى لأفريقيا الغد تبقى ذات طبيعة اقتصادية.
واعتبر الخبير الاقتصادي في الشؤون الاجتماعية أن “هذا التحول الاقتصادي، بما فيه الانتقال المناخي والطاقي والرقمي، سيمكن إفريقيا من تحقيق سيادتها الصناعية والصحية والغذائية وحتى العسكرية والأمنية”.
ومن جهة أخرى، أكد على أهمية وضع الرأسمال البشري على رأس أولويات النموذج التنموي الجديد باعتباره رهانا كبيرًا، مع إيلاء عناية خاصة بالتعليم والتكوين والابتكار تلبية لمتطلبات هذا التحول وتعزيزا لقدرة إفريقيا في تكوين الكفاءات وإنتاج النخب والابتكارات الكبرى.
كما أشار أيضا إلى مسألة الحكامة التي يجب وضعها في صميم القضايا الرئيسية للنموذج التنموي الجديد للبلدان الأفريقية، مبرزا أن الحكامة الجيدة تعني القدرة على إنتاج مؤسسات ذات جودة، مدعومة بأشكال ديمقراطية في التدبير، وحكامة من شأنها تحرير طاقات الأفارقة لتمكينهم من المساهمة في تثمين عبقريتهم وذكائهم ليكونوا فاعلين في التغيير.
وخلال هذه المناسبة، سلط السيد الكراوي الضوء على الرأسمال غير المادي،على غرار الرأسمال الثقافي، مشيرًا إلى أن إفريقيا هي إحدى القارات التي يتيح فيها التراث والفنون والثقافة إمكانات هائلة في مجال التنمية البشرية وخلق الأنشطة.
وقال “إن تنوع وغنى تراثها هما ما يساهمان في صياغة هوية وخصوصية وتفرد النموذج الأفريقي”، داعيا إلى جعل الاندماج الإقليمي الإفريقي رافعة للتنمية المستدامة.
وشكل هذا اللقاء، الذي حضره مجموعة من الشخصيات البارزة في عالم السياسة والاقتصاد والثقافة، فرصة لمناقشة العديد من القضايا، منها السياسة الإفريقية للمغرب، والتعاون جنوب-جنوب، والدبلوماسية الجامعية للأفارقة المكوَّنين في المغرب.
ويعكس اختيار الأدب الأفريقي ضيف شرف في الدورة الـ 27 للمعرض الدولي للنشر والكتاب الوشائج متعددة الأبعاد التي تربط بين الثقافة المغربية وثقافات البلدان الأفريقية الشقيقة، ويتماشى أيضا مع الرؤية المستنيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس لتعزيز التعاون جنوب-جنوب.
وحسب المنظمين، فقد تميزت الدورة الحالية بمشاركة 712 عارضا يمثلون 55 دولة حول العالم. وسيتم تقديم مجموعة واسعة من المنشورات التي تعكس تنوعا وثراء يصل بالأرقام إلى 100.000 عنوان.
ويتخلل البرنامج الثقافي قائمة ثقافية غنية ومتنوعة تجري على ست مساحات للالتقاء والنقاش بين عدد كبير من المهنيين والمبدعين والكتاب والباحثين من مختلف المجالات والخلفيات، من داخل المغرب وخارجه.
وبالإضافة إلى المؤتمرات وتقديم العنوانين الحديثة والأمسيات الشعرية التي سيشارك فيها 380 متدخلا، ستقام أنشطة أخرى، بما فيها منح جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة، وجائزة الشعراء الشباب، وجائزة القراءة الوطنية. وهناك أنشطة مختلفة موجهة للأطفال سيتم تنظيمها في المجالات التربوية والفنية والعلمية، بإشراف 63 منشطا.