تدارس أكاديميون وباحثون في الشأن الاجتماعي، اليوم الثلاثاء في ندوة علمية بسلا، مخرجات الاتفاق الاجتماعي الموقع بين الحكومة والاتحاد العام لمقاولات المغرب والمركزيات النقابية الأكثر تمثيلية.
وتأتي هذه الندوة، التي نظمتها مؤسسة الفقيه التطواني تحت شعار “مأسسة الحوار الاجتماعي ركيزة النهوض بالعمل اللائق”، في إطار برنامج المؤسسة المسمى ” السياسة بصيغة أخرى “، بعد أيام من توقيع الاتفاق الاجتماعي الذي جاء بالعديد من الإجراءات التي تهم الطبقة العاملة.
وتوخى هذا النقاش العلمي تسليط الضوء على عناصر الاتفاق الإجتماعي وتحليل مضامينه من زاوية مختصين وباحثين في الشأن الاجتماعي.
وبهذه المناسبة، قال بوبكر الفقيه التطواني رئيس المؤسسة، في كلمته الإفتتاحية للندوة، إن توقيع الاتفاق حدث يدشن بحق مرحلة جديدة في مسار الحوار الاجتماعي ويؤشر على التملك الجماعي لإرادة مشتركة قائمة على تعزيز ثقافة الحوار ليصبح الملف الاجتماعي ومطالب الشغيلة حاضرا باستمرار في إطار أجندة مرسومة ومحددة سلفا بين مختلف الفرقاء الاقتصاديين والاجتماعيين.
واعتبر المتحدث أن ” الاتفاق الأخير متميزا عن سابقيه “، لأنه غطى، حسب تعبيره، جزءا كبيرا من النقاش العمومي الذي انخرطت فيه الفئات الاجتماعية المعنية وحللت مضامينه وانعكاساته على المعيش اليومي.
وسجل، في السياق ذاته، أن هذا الحوار الاجتماعي يندرج في سياق أصبحت فيه الدولة الاجتماعية عنوان المرحلة، وأضحى الشأن الاجتماعي بكل تجلياته أولوية مركزية في مختلف السياسات والبرامج العمومية، بالإضافة إلى الوعي المتنامي لدى مختلف الطبقات الشعبية بأن الدولة الاجتماعية هي قبل كل شيء إجراءات وقرارات عمومية وبرامج اجتماعية واقعية وذات مصداقية تعالج الأولويات الحقيقية وتستجيب لانتظارات المواطنين.
وتوقف رئيس مؤسسة الفقيه التطواني عند ضرورة مأسسة الحوار الاجتماعي بوصفه اختيارا استراتيجيا، مشددا أن الحوار الاجتماعي واكبه نقاش موازي حول الإطار التشريعي الداعم، متعلق بمدونة الشغل، وميثاق الاستثمار والقانون التنظيمي المتعلق بالإضراب وقانون النقابات والقانون الخاص بالحوار الاجتماعي وقانون الضمان الاجتماعي وغيرها من النصوص التشريعية.
بدوره، أكد جمال أغماني، الوزير الأسبق واستشاري لدى منظمة العمل الدولية، أن هناك إكراهات عديدة واكبت الاتفاق الاجتماعي الثلاثي بين الحكومة والنقابات وأرباب العمل، تتعلق، بحسبه، بمناخ دولي متأثر بالأزمة الروسية الأوكرانية وتبعات جائحة كورونا على الاقتصاد الوطني، معتبرا أن أي حوار اجتماعي فيه أخد وعطاء، وأن توقيع الاتفاق في هذه الظروف يعد إنجازا في حد ذاته.
ودعا السيد أغماني إلى مراجعة مدونة الشغل من أجل تعزيز حماية العمال، منوها بتضمين الاتفاق الاجتماعي ضرورة اصدار قانون مأسسة الحوار الاجتماعي، ووضع إطار قانوني لمواكبة الحوار الاجتماعي.
أما الأستاذة الجامعية والفاعلة الجمعوية، أميمة عاشور، فنوهت بدورها بمأسسة الحوار الاجتماعي الذي تضمنه هذا الاتفاق، مبرزة أنه من الأشياء الإيجابية التي جاء بها هذا الاتفاق هو الرفع من عطلة الأبوة الى 15 يوم مدفوعة الأجر، وهو مطلب، بحسبها، شكل دعوة من طرف الحركات النسائية طيلة سنوات.
وأكدت أن الاتفاق الأخير سيمكن من فتح ” مواضيع أخرى متعلقة بالتعويضات العائلية “، لافتة إلى أن ورش الحماية الاجتماعية يتضمن مبادئ أساسية هي المساواة والتضامن والإستباقية.
وتم خلال هذه الندوة التطرق لمواضيع متنوعة حول مفهوم الحوار الاجتماعي وتجليات مأسسته كثقافة مستقرة في العمل الحكومي، وتقييم آثار مخرجات اتفاق 30 أبريل على الطبقة العاملة، والبعد الاجتماعي الخاص بالحياة الأسرية، بالإضافة الى القضايا المتعلقة بالتشريعات ذات الطابع الاجتماعي والنقابي، وموضوع المقاولة ليس كفضاء للشغل فحسب بل كفضاء اجتماعي تضامني يزخر بالعديد من القيم الاجتماعية والتربوية.